من الحياة - شو يا عرب.. !!
.. "أي تحرك عربي جاد لن يؤتي ثماره الا من خلال وقوف الفلسطينيين صفا واحدا"، بهذه العبارة لخص وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب الاستثنائي في القاهرة في حضانة جامعة الدول العربية، مشيرا الى ان التطورات العالمية ومنها فوز الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما تشكل فرصة يتعين على الدول العربية اغتنامها واستثمارها بوضع استراتيجية عربية تستند الى وحدة القيادة الفلسطينية.
كلام جميل، على العرب اخذه على محمل المسؤولية القومية والوطنية، وليس تبني وجهة نظر طرف على حساب الطرف الآخر، لآن الانحياز يوسع شقة الخلاف، ويشجع الطرف المخطئ على التوغل في الخطأ فيؤدي استفحاله الى تدمير المنجزات من اولها الى آخرها، وهذا ليس في مصلحة اي من العرب، لا في مصلحة سوريا ولا السودان ولا قطر، مثلما ليس في المصلحة الفلسطينية الخاسر الوحيد في جميع الاحوال.
يبدو ان المخاض العسير والخلافات والملاسنات الكلامية التي سادت اجواء اجتماع وزراء الخارجية العرب انعكست على صياغة القرارين الوحيدين اللذين تمخض عنهما الاجتماع الطارئ والاستثنائي، فجاءت الصياغة بلا معنى، فما معنى ان يدعو وزراء الخارجية الرئيس ابو مازن للبقاء في منصبه والاستمرار في تحمل مسؤولياته الى حين انجاز اتفاق المصالحة وتحديد موعد للانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، الا يعلمون ان الرئيس لم يأت على ذكر ترك منصبه لا تلميحا ولا تصريحا في سياق خطاباته الثلاثة وتصريحاته في رئاسة مجلس الوزراء بعد ذلك، فهو الذي بادر الى التمسك بالحوار وامهل حماس حتى نهاية العام للعودة الى طاولة المفاوضات، وحدد بالفعل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية.
مع الاحترام والتقدير للوزراء العرب كل باسمه وبصفته الرسمية والشخصية، فقد كنت اعتقد انهم مطلعون على تفاصيل الاوضاع الفلسطينية الداخلية من خلافات وانقسام وحصار وازدياد البطالة واستفحال الفقر والمعاناة مثلما يعرفون المسؤول عن التعطيل ويعرفون ان حماس هي التي تسعى بكل الوسائل الى دفع الرئيس للرحيل، بينما الرئيس لا يريد التخلي عن مسؤولياته، وهذا الموقف العربي جعلنا على يقين من ان كل من سمع قرارات مؤتمر وزراء الخارجية سأل نفسه او صحبه فاغرا فمه بصيغة استنكارية: ماذا ؟ او بالعامية " شو ؟ " كبيرة، وكأنه لم يسمع، وإن سمع لم يفهم، وكأن وزراء الخارجية بعد يومين من السهر في ليل القاهرة على شواطئ نهر النيل، نسوا ما جاءوا من اجله.
ثم ماذا فعل وزراء الخارجية بارك الله فيهم وسدد خطاهم، قرروا ارسال مساعدات غذائية وطبية عاجلة الى غزة لسد رمق المتضورين جوعا تحت الحصار، وهم يعلمون ان اية مساعدات غذائية مهما كان حجمها فسيأتي عليها يوم تنتهي فيه، ومن ثم يعود الغزيون الى المربع الاول، حيث المآسي والجوع والمرض، فقد كانوا يتوقعون ان يهب أشقاؤهم العرب الى رفع الحصار عنهم بكل الوسائل المتاحة، وهم قادرون على ذلك ان أرادوا، لكن الاجتماع الطارئ انتهى على وقع الملاسنات الكلامية، ولم نسمع منهم كلاما آخر..