من الحياة - امة مهند.. !!
اعجبني تعليق الاعلامي الكبير حمدي قنديل في برنامجه الشهير " قلم رصاص " اذ قال متهكما، واقتبس ما قاله : " بعد ان كنا امة محمد، اصبحنا امة مهند "، في اشارة الى المسلسل التركي المدبلج باللهجة السورية " نور ومهند " الذي ادى الى شل حركة التجوال في جميع البلدان العربية قاطبة، بعدما حظي على اعجاب منقطع النظير للنساء، واثار مشكلات اجتماعية.
المسلسل المذكور انتهى دونما اضرار جسدية فادحة على الاقل، وتبعته وجبة جديدة من المسلسلات الاخرى المثيرة للاشجان والذكريات والعواطف المدفونة فتركت حزنا في القلوب وغصة في النفوس بقدر يفوق ما حدث على نكبة فلسطين قبل ستين عاما، ونكأت الجراح المندملة فبكت النساء بحرقة وقطعن ايديهن مثلما حدث في قصة امرأة العزيز وسيدنا يوسف حين دعت سيدات الطبقة الراقية الى بيتها ليشاهدن ما حباه الله من طلعة بهية وجمال واعطت كل واحدة منهن سكينا.. " فلما راينه اكبرنه وقطعن ايديهن، وقلن حاش لله ما هذا بشرا، ان هذا الا ملك كريم ".
مثل هذا تقريبا حصل اثناء متابعة مسلسل نور ومهند وبقية المسلسلات التي اذابت حشاشة قلوب نساء العرب واكبادهن، حبا تارة، وحزنا وكمدا تارة اخرى، وتسببت تالياً في حالات طلاق وفراق، ما اضطر المحاكم الشرعية في الدول العربية الى تشغيل موظفين اضافيين كلما عرض مسلسل تركي جديد، وهذه العاطف النسوية المتدفقة التي لم تستطع فيها بنات العرب حبس الدموع فبكت نساؤنا فأبكيننا على بكائهن، ودفعت بعض الازواج الى الثأر لكرامتهم برمي أيمان الطلاق البائن بلا رجعة.
ثمة من لم يطلق زوجته ولم يأت بردة فعل وكأنه يؤجل التعبير عن مكنون مشاعره تجاه هذه التصرفات الخارجة عن المألوف بانتظار المسلسلات التركية الجديدة التي ملأت الفضائيات الى حد اعادنا الى ايام الامبراطورية العثمانية التي حكمت بالقوة العسكرية اسيا الصغرى والجزيرة العربية والصومال واوروبا الغربية والشرقية وكردستان والامبراطورية البيزنطية وصربيا وغيرها من دول العالم لاكثر من ستمائة وخمسة وعشرين سنة.
يا لجاذبية المسلسلات التركية وسطوتها على المشاهدين العرب في اسيا وافريقيا واقيانوسيا والاميركيتين، بدءا بنور والدونجوان مهند، ومرورا بــ " لا مكان لا وطن، وسنوات الضياع، ودموع الورد، وصولا الى لحظة وداع "، فقد اعادت بقوة امجاد الامبراطورية التركية باجتياح المنطقة العربية مجددا ليس عسكريا هذه المرة، وانما فنيا وثقافياً بمسلسلات مدبلجة سورية متقنة تثير الاعجاب وتفجر شجن المكتئبين القاعدين في المنازل من ابناء وبنات الامة العربية المجيدة، وتمنع التجول والتبول الارادي في جميع العواصم العربية، فطوبى لأمة مهند.. !!