من الحياة- بالعربي.. !!
لم اصدق ان دولة رئيس الحكومة سلام فياض الغارق في البحث عن حلول لمشاكل البلاد والعباد، بعدما اتم على الموظفين نعمة المستحقات، معني الى هذا الحد باللغة العربية، فرئيس الحكومة في الدول الاخرى وحسب معرفتنا ليس مسؤولا عن كل صغيرة وكبيرة وايجاد الحلول العاجلة فلديه من الوزراء اثنان في واحد (اي كل وزير بوزارتين مثلما الشامبو)، فكيف يمكن في هذه الغمار ان يكون لديه اهتمام باللغة العربية، لعل في الامر سرا.
فمنذ لقائه يوم الاحد الماضي بمجموعة من كتاب الاعمدة والصحافيين وانا افتش رغم اعجابي الى حد الاندهاش باهتمامه، عن السر الكامن وراء هذا الاهتمام، فقد اندثرت العربية الى حد كبير وهذه مشكلة اقليمية واممية اي مشكلة الامة العربية كلها، واصبحت اللغات الاخرى شرطا من شروط العلاقة مع الغرب المبهر، لكنني ادركت ان المسألة هنا ليست مجرد حديث عابر، بل انها تتعلق بالتنمية الثقافية الوطنية وتعزيز الهوية، فاللغة اساس للهوية وللثقافة والتاريخ والحضارة.
واستعرضت بعضا من الاسباب التي تبرر خوفه من اندثار اللغة العربية نتيجة ما وصل اليه المستوى العام، فافترضت انه ربما يتابع الاذاعات ومحطات التلفزة المحلية، لكنني استبعدت الامر، فلو انه سمع وشاهد ما يرتكب من جرائم لغوية، لاتخذ قرارا اكثر من الدعوة للاهتمام باللغة، مثل فرض عقوبات بالعزل الانفرادي الى حين اتقان اللغة وقواعدها تماما، او عقوبات قاسية اخرى كالجلد في ميدان عام.
مصائب بعض المذيعين والمذيعات ومقدمي البرامج ومراسلي الفضائيات ووكالات الانباء، والمثقفين " بعضهم وليس كلهم " والطلاب والمعلمين والكتاب والادباء وطلبة الجامعات كلهم يرتكبون المعاصي اللغوية فيلحنون في اسس القواعد الاعرابية، بل ان كثيرا منهم لا يعيرونها اي اهتمام ويحطمونها عن قصد مقصود، فيكسرون بدلا من الرفع ويجرون بدلا من الفتح، وعندما يغلبهم الامر يلجأون الى التسكين فينبشون قبر سيبويه والفراهيدي ويلعنون "سنسفيل" ابويهما، فاصبح الاهتمام باللغة اخر الاولويات او على الاصح ليس على جدول اولوياتهم.
لعل سر اهتمام رئبس الحكومة ادراكه لما وصلت اليه العلاقة بين ابنائنا طلبة المدارس وبين اللغة الام، وما الت اليه من حال وصل الى الدمار الشامل، واسلوب العليم واهتمام المعلم والوزارة والاهالي، وسألت نفسي، الا يكفي اتقان اللغات الاجنبية لتقديم انفسنا للغربيين على اننا شعب مثقف يتقن اللغات الحية، وكنت اعتقد ان اتقان اللغة الانجليزية يؤهل الشخص ليصبح وزيرا اوعلى الاقل مسؤول جمعية غير حكومية، فلا داعي اذا لمعرفة اللغة العربية الفصحي او حتى الاهتمام بها، اذ يكفي اتقان العامية التي يفهمها الاجانب المستشرقون.
هذا الاهتمام الذي فاجائنا به دولة رئيس الوزراء فنزل على رؤوسنا في غمرة الحديث عن الشأن السياسي والتنمية الاقتصادية والوطنية وابجديات الصمود والبقاء في الارض رغم ما تتعرض له من سلب واستيطان، يلقي على عاتق الكتاب والمثقفين الحقيقيين مسؤولية ثقافية ووطنية واخلاقية كبرى وحملا ثقيلا عليهم الايفاء به شاؤا ام ابوا.. !