من الحياة- صدى المبادرة. !!
لم نتوقع، ان تحدث المبادرة العربية صدى سريعا في اسرائيل وان يقف نحو الفي شخصية سياسية وعسكرية اسرائيلية من المؤثرين في القرار مطالبين بتبنيها ودعوة الاحزاب السياسية المتسابقة نحو الانتخابات الى تبنيها، فقد حركت المبادرة ما كان ساكنا في اسرائيل لسنوات طوال، وان كان الموقف منها يقوم على اساس المصلحة الامنية والاقتصادية لاسرائيل، وبات على الدول العربية صاحبة المشروع الاستفادة من هذا التحول المهم لاقناع المزيد من الاسرائيليين باهمية المبادرة لاسرائيل مثلما هي للعرب وللفلسطينيين.
لم نتوقع ان يهب عسكريون كانوا في يوم من الايام جزءا من قيادة الاحتلال العسكري الذي ما زال جاثما على قلوبنا لاقناع رؤساء الاحزاب السياسية في اسرائيل ان المبادرة المنسية منذ سنوات تعتبر انقلابا في مواقف الدول العربية والاسلامية، بعد ان ظلت اسرائيل تبني مواقفها العدائية اعتمادا على لاءات الخرطوم الثلاثة قبل اربعين عاما حتى بعد ان سقطت هذه اللاءات بعد الاعتراف الاسرائيلي الفلسطيني المتبادل والغاء بنود الميثاق الداعية الى تدمير اسرائيل ثم مجيء الدول العربية لتعلن انهاء حالة الحرب مع اسرائيل الى الابد.
والان حيث يوجد بين يدي الرأي العام الاسرائيلي مبادرة عربية باللغة العبرية، تستحق الاهتمام رغم الترجمة غير الدقيقة التي اكتشفها البروفيسور العاي ايلاي الباحث في الجامعة العبرية بالقدس، لدرجة ان عدم دقة الترجمة العبرية تشوه بعض المواقف العربية، وحيث انها النسخة الوحيدة المترجمة المتداولة في اسرائيل فانها تكون سببا لرفضها من قبل الكثير من الاسرائيليين، ولذلك فقد تطوع البروفيسورالى ترجمتها مجددا واضاف للترجمة الدقيقة تفسيرا مفصلا حول المغزى من بعض البنود، فان هذا الاقبال غير المسبوق على المبادرة من قبل شخصيات ذات وزن كبير، يجب ان يتابع من قبل المفاوضين الفلسطينيين ليفعلوا مثلما فعل ابو علاء بشرح المبادرة والاجابة على تساؤلات قادة واعضاء مجلس الامن والسلام الاسرائيلي، وجمهور المهتمين من الاشخاص العاديين في اسرائيل.
حتى وان عرفنا ان الموقعين على الرسالة هم في معظمهم جنرالات وقادة سابقون في الجيش الاسرائيلي وفي جهازي الموساد والشاباك واكاديميون ورجال اعمال واقتصاديون، فان هؤلاء يبنون مواقفهم وسياساتهم على اساس مصلحة اسرائيل اولا واخيرا، فان تأييدهم الشديد للمبادرة تقف وراءه فكرة فيها نوع من الدهاء تقوم على استغلال السلام المنشود كطريق معبد الى دول الخليج الثرية حيث المليارات التي تلقى يوميا في اتون الاستثمارات الاقتصادية والمشاريع المربحة التي تبدأ ولا تنتهي، وهو امر بالنسبة لهؤلاء مثير للشهية الاستثمارية، ولذلك فهم مستعدون للاعتراف، بل انهم فعلا اعترفوا، ان استمرار حالة العداء بين العرب واسرائيل ووضع اللاحرب واللاسلم وبقاء الاحتلال والاستيطان يغذي التطرف لدى الجانبين يوما بعد يوم، ويهدد وجود اسرائيل أولاً قبل ان يهدد الاستقرارالاقليمي طالما بقي الحل السياسي مجمدا، ولذلك فانهم لا يرون غضاضة في الاعتراف الاسرائيلي بالمبادرة وانهاء الاحتلال العسكري الذي ينهي متاعب الطرفين ويعترفون بانها فرصة تاريخية لن تتكرر يوفرها العرب لاسرائيل، ونحن بدورنا ندعو العرب والفلسطينيين الى مضاعفة جهودهم باتجاه تسويق المبادرة التي لا يملكون سواها من وسائل متاحة وغير متاحة لاحلال السلام وانهاء الصراع..