من الحياة- عن المؤتمر السادس
ماذا لو تأجل انعقاد المؤتمر لشهر او اثنين، المهم انه سينعقد في نهاية المطاف، فليس المهم تاريخ انعقاده بقدر ما هو مهم ان يتم الاعداد له جيدا والاهم ان تنتهي الخلافات الداخلية التي تعطل انعقاده، فالتأجيل ينجز طبخة ناضجة ولذيذة على نار هادئة وليس طبخة حصى، ولا ضرر اذا انعقد في شباط او في آذار، فقد انتظرنا عشرين عاما منذ انعقاد المؤتمر الخامس في تونس، وبالامكان الانتظار ريثما يتم ترتيب القضايا الحركية والسياسية واللوجستية التنظيمية لعقد مؤتمر ناجح بجميع المقاييس.
اذن من الافضل التباطؤ في موعد انعقاد المؤتمر، وبالمناسبة وللتنويه فمن الممكن الا يعقد في شباط ايضا، ولعل في ذلك خيرا للفتحاويين وللناس جميعا، ونقول خيرا اعتمادا على المثل الشعبي الذي يقال كلما تسكب القهوة وتنكسر الفناجين والكؤوس، وانا اقول لكم لماذا التباطؤ نحو الانعقاد ولا اكشف سرا تستفيد منه حماس، فهي ربما تعرف اكثر من الفتحاويين انفسهم ما الذي يجري داخل فتح، لان الخلافات الداخلية تزداد عمقا كلما اقترب موعد الانعقاد، وكأن هناك فصيلا يتعامل مع المشعوذين عمل عملا لمنع الانعقاد، ولذلك تتم التأجيلات المتتالية دون ارادة فتح.
ولكن من حقنا ان نعرف سبب او الاسباب الحقيقية التأجيل وبدأت اللجنة التحضيرية اعمالها سنة قبل استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات بتكليف منه لوضع الترتيبات، ما يعني ان الانعقاد تأجل خمس سنوات متتاليات، لماذا، لا احد يعلم، لا بل، فان الكثير من الفتحاويين يعلمون، لكنهم يخفون سر الكنز المدفون الممنوع من الكشف خوفا من حسد الحاسدين.
لماذا، لان كل شيء داخل الحركة مبرمج تماما ومتقن، فلا اشكالات داخلية، ولا استعصاءات نحو موعد عقد المؤتمر، ولا حلول تهدف الى ترقيع الاوضاع الداخلية التي يفترض الخصوم وخصوصا حماس وجودها داخل فتح، فما يجري داخل الحركة يبقى داخلها، أليس هذا تقليداً تاريخياً معروفاً للعدو والصديق، ومن غير الممكن ان يتسرب شيء من الخلافات المفترضة التي تروج لها اطراف اخرى حاسدة بغية اثارة البلبلة الداخلية، ومن يدعي بوجود اتجاهات وتيارات متباينة المواقف داخل فتح فهو مخطئ، واذا كان فتحاويا فيستحق عقوبة التجميد، وان كان من خارجها فقد وجبت عليه الفدية.
هل هذه هي الاسباب اذاً، ام ان هناك اسبابا اخرى (ونقولها همسا حتى لا يسمعنا احد من المتربصين) كتلك التي يجري تداولها في كل مكان، في الاروقة والمقاهي والاماكن العامة حول الانقسام والاحتراب الداخلي بشأن تقاسم المناصب والخلافات بين الجديد والقديم، ومحاولة بعض القدماء الاستحواذ على كل شيء المركزي والثوري والتنفيذية لضمان مناصب عليا ومداخيل جيدة تساعدهم في التغلب على شظف العيش.
في رأيي المتواضع وانا لست امين سر لأي من الاقاليم، ولا عضوا في المجلس الثوري ولا اطمع في ذلك، فان الاوضاع الداخلية للحركة سوف تزداد تعقيدا وصعوبة مثلها مثل احوال شهر شباط الخباط الموعد المفترض لانعقاد المؤتمر الحركي السادس، فقد اصبح انعقاده تهديدا لمصالح بعض التسويفيين حتى لا يحرموا من حصتهم في الكعكة التنظيمية. فما زال هؤلاء يتمرغون بالامجاد كلما دقت ساعة الحديث عن تاريخ فتح الرقم الصعب في السلم وفي الحرب وصنائعها ونضالاتها التاريخية التي لا يمكن لاحد تجاهلها.
المسألة تتعلق بالمضمون اكثر منه بالشكل، وتتوالد الحكايات والروايات عن أسباب التأجيل ما يضطرنا الى التكهن لفرط ما يتردد من قصص، فقد قيل يوما انه كلما عجلنا بعقد المؤتمر كلما قصر عمر الانقلاب، ولم يعقد المؤتمر، أليس ثمة واقع ميداني لا يمكن القفز عنه، وهو الانقلاب، فحتى تاريخه لم تتخذ فتح اية خطوات باتجاه تغيير هذا الواقع وجلست بانتظاران يأتيها القطاع على طبق من ذهب، ولو ان فتح تململت منذ البداية لتبدلت الاحوال ولم تنحدرالاوضاع نحو الاسوأ يوما بعد يوم، وكان عليها وهي تمضي نحو مؤتمرها العام السادس ان تتقدم بخطى ثابتة وواثقة لا ان تقدم رجلا وتؤخر اخرى، وان تخرج عن اعتصامها بالصمت وكشف ما خفي من اسرار واخبار لتضعنا في صورة ما يجري واسباب التأجيل وما الذي سيترتب عليه من تداعيات، كي نرد على الكائدين كيدهم، وفي النتيجة فانني ارى ان احوال فتح مثل احوال بقية الفصائل لن تنصلح ولن يعقد المؤتمر السادس طالما بقيت المناصب العليا حكرا على الطاعنين ولا مقاعد لليافعين.. !!