يقصد بها أضياف والده ...
يفوح شذاها وينبعث عبيرها
دَلَـفَ غرفة الجلوس ... تعثـّـر بطيات السجّـاد
سقط الطفل ... وسقطت من يده
هــرع أبوه ... بل هرع غير واحد
تـُـرى ما الذي حدث ؟؟
وإلى أي شيء يتسابقون ؟؟
إنها المجمرة ( المبخرة ) التي كان يحملها الصغير
سقطت أرضــاً ... فتناثر الجمر على السجاد
لم يكن ذلك الاهتمام من أجل السجاد ... ولا من أجل نفسية ذلك الصغير
هذا هو الموقف الأول
والموقف الثاني
كان قبل ما يزيد على عشر سنوات
حينما كُنـّـا في موسم الحج في ( منى )
نجلس بأمان في أحد الخيام
فجأة تطاير القوم كما يتطاير الشرر
كان الخوف قد خيّم على النفوس
والذعــر قد اعترى الوجــوه
هبّ أحد الشباب إلى حيث انطلق أنبوب الغاز
وهو يصيح حريق ... حريق
أحدهم سحب اسطوانة الغاز
أغلقها بسرعة ... دفعها بعيدا
وآخر تناول ما كان بِقُرْبِه من ماء وقذفه على الخيمة
ورابع قطع طـُـنُـب الخيمة
خمدت النار وكفى الله شرهـا
هل تأملتم هذين الموقفين
وهل تفحّصتم هاتين الصورتين
ما هو القاسم المشترك بينهما ؟؟
إنه خشية الحريق
والخوف من النار
إذ مُعظم النار من مُستصغر الشرر
ولا يُلام امرئ على ذلك
إن النار عدو لا يرحم – كما يُقال –
ولكن اللوم يقع على من هرب من قط ووقف لأسد هصور !
كذلك بالضبط
من هرب من شرر ووثب في النار
يهرب الناس من جزء من سعين جزء
" ناركم هذه التي يوقد بن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم " رواه البخاري ومسلم .
عجبت من هذا ... وطال تعجبي
ومن قبلي تعجب سيد الخلق صلى الله عليه وسلم .
يوم قال :
ما رأيت مثل النار نام هاربها ، ولا مثل الجنة نام طالبها . رواه الترمذي وغيره ، وهو في صحيح الجامع
عجب أننا نهرب من نار الدنيا ولا نهرب من نار الآخرة
عجب أن نقي أهلينا نار الدنيا ولا نقيهم نار الآخرة
عجبت أننا نهرع لنطفي نار الدنيا ولا نهرع لنقي أنفسنا نار الآخرة
وهي – أي نار الآخرة – أشد حـرّاً
تأمل قوله صلى الله عليه وسلم : اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضا ، فأذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فهو أشدّ ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير . متفق عليه .
ثم تأمل قوله صلى الله عليه وسلم : ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار . رواه البخاري