من الحياة- وسخ المؤسسات.. !!
الحل بالايدي النظيفة للقضاء على ظاهرة الوساخة العامة المنفرة والمقيتة التي يتخذ منها العامة سببا لشتم السلطة كل يوم، وهي ظاهرة وسخ المؤسسات والهيئات العامة وخصوصا تلك التي على احتكاك يومي بالمواطنين، لكننا نغمض اعيننا ونتحجج بقلة الامكانيات، والحقيقة انه لا علاقة بين النظافة العامة والرخاء المالي في المؤسسات العمومية، فلماذ تنعدم النظافة في مؤسساتنا، سؤال قديم وكبير، وثمة من يبادر الى القول : لعلنا نتسابق للدخول في "موسوعة جينيس" للوساخة العامة.
ثمة اسباب غير موضوعية وحجج غير مقنعة بل هي السبب الحقيقي وراء استشراء الوساخة في المؤسسات العمومية بما فيها وزارات مهمة تعتبر نفسها واجهة البلد، فغياب الانتماء والمسؤولية والثقافة العامة للنظافة وانعدام المتابعة اليومية وعدم الاكتراث، وتنازع الصلاحيات بين المسؤولين والجري وراء الترقيات والترفيعات يضع الجميع في دائرة الاتهام بالمسؤولية عما يحصل، فالوزير الذي يرى الوسخ ولا ينهى عنه ويدعو الى تنظيفه يتحمل المسؤولية، والمدير الذي يغمض عينيه عن تفاقم الظاهرة مسؤول، والموظف الذي يلقي عقب سيجارته وبقايا اوساخه على الارض هو ابو المسؤولين، فعموم الوسخ مسؤولية عامة يتحملها الجميع.
في مؤسسة ذات علاقة بالجمهور يؤمها مئات المراجعين يوميا، وليس فيها مكان لانتظار المراجعين سوى غرفة ضيقة وبعض المقاعد، ولا مياه للشرب ولا خدمات نظافة، علقت لافتة ممزقة بالكاد يمكن قراءتها تنهى المراجعين بصلافة عن تناول القهوة، لكنها لم تطلب منهم ربط الاحزمة والامتناع عن التدخين فتكومت اعقاب السجائر على الارض، وفي الخارج القيت اكواب البلاستيك على حواف الممرات في مشهد يخبر عما نتمتع به من وساخة متأصلة، وفي مؤسسة اخرى تمتلئ اكواب وفناجين القهوة على طاولات الموظفين المنشغلين فعلا بانجاز معاملات الجمهور باعقاب السجائر في منظومة وساخة قبيحة المنظر.
واذا سالنا لماذا تنتشر هذه الظاهرة في مؤسساتنا، نكون كالمستشرقين، واذا اردنا لهذه الظاهرة ان تختفي والى الابد، فبدلا من طرح هذا السؤال، فاننا ندعو الحكومة الى تأسيس وزارة تعنى بشؤون النظافة يقوم عليها جيش مسلح من الخبراء والناشطين في مكافحة الوسخ ومرتكبيه في المؤسسات العامة، وخصوصا في الحمامات حيث وصف احوالها يشار اليه بالبنان ويعجز عن وصفه اللسان.
القضاء على هذه الظاهرة لا يتطلب اجتماعا عاجلا للقيادة او الحكومة او اللجنة التنفيذية للمنظمة واضافة بند للورقة المصرية للحوار لاتخاذ قرارات استراتيجية ومصيرية لتنظيف مؤسساتنا من اوساخها المتراكمة على كل المستويات، بل مساءلة كل موظف او مسؤول او وزير يشارك او يسكت او يغمض عينيه عن الوساخة في مؤسسته، فطالما قرضنا اشعارا نظيفة في وساخة هيئة اعلامية كبيرة ليتبين وجود ما هو أوسخ.. !!