أشعر بالبرد، و لم يأتِ الشتاء بعد؛ ربما أستعد مقابلته قبلاً بهذا الشعور..
أشعر بالبرد يا روحاً تسكنني، و طعم غُصة لا تجعل للنفس مجالاً .. اتنفس شبه هواء، و أزفر ما يشبه الوجع.. ربما أعود لحالة الإطمئنان لكن الوجع يجتذبني إليه بقوة، و الضعف يغلفني كأنثى .. و أنا أكره هذه الحقيقة لأنها تجعلني أشفق على نفسي في أعين الآخرين فـ يشفقون ! و نظرات الشفقة تلك أمقتها كما أمقت شعور المشفوق عليه من حزن، فيتهاوى الجميع إليه لا حبا في قلبه، و لا رأفه به بقدر ما تكون مقياس جديد لحجم طيبة قلبوهم و رأفتها ..
أكره الأنثى البادية على معالم طفولتي، و أكره الأنثى في عينيّ، و في دموعي! أكره أن يبدو منها ضعف و أحارب لأبدو كجبل أو كقلب رجل ..
و بعفوية أنثى تسحقني تلك الطبيعة الخلقية في داخلي فتبدو اللهفة و يفضح الشوق هاتين العينين، و تبكي الدموع عند اهتزاز الأوتار.
و تعود القوة بعد تعب من هرولة اللحاق بالأمور، فتتصلب بإرتباك و تتربع بإنتفاض على وجهي، فأشيح بعيدا عن الأمر متداركة الساقط من تلك الدموع..!
و أبتعد .. و يطرحني الندم أرضاً خريرة التعب من العراك .. عراك داخلي بين اخفاء رقة و اظهار قوة ..
أعود فقط إلى مكان ما يجعلني أتأمل فقط، و ينسيني من أكون، لكنه يجيد تماماً فحص جراحي و يداعب أنوثتي برقة، تارة يمرر بهدوء كف النسيم على وجهي، و تارة يرفع من خصلات شعري مستثيراً أنثى خائفة، محبوسة خلف أنفاس ساخنه و أكتاف عارية الا من الأثقال التي لم تحطمها بعد ..
فأهرب من هناك .. لم يكن المكان يواسيني، كان فقط يحاكمني و يطالبني كما البقية أن أطلق لها الأمان، و أجعلها تنشر روحها في الأرجاء ..
كان أولى بها أن لا تكبر تلك الطفلة على ألعابها الصغيرة، و لا على أحلامها الوردية .. كانت أحق أن تكبر في رعاية الألم القاسي، و في كنف الموت القادم بلا هوية، ولا وقت !
و لا أزال أشعر بالبرد، لم تدفئني تلك الأعواد ولا ذاك الحطب حتى وإن كسرته بنفسي .. لأني أنثى أحتاج لأحدهم بجواري .. ربما لذلك أكره أن أكون أنثى !