من الحياة- الاعتراف الاسرائيلي
مهم ان يقتنع الاسرائيلي العادي ببطلان المزاعم حول عداء وكراهية الدول والشعوب العربية والاسلامية لاسرائيل، بل للاحتلال وممارساته العنصرية والمتغطرسة، وعندما يعلم الاسرائيلي ان 57 دولة عربية واسلامية تبنت مبادرة السلام السعودية تعترف باسرائيل وبحقها في الوجود مقابل انهاء الاحتلال والعودة الى حدود الرابع من حزيران لسنة 1967 واقامة سلام شامل ودائم مع الفلسطينيين والدول العربية والاسلامية، عندها ستنقشع اية غيوم اشاعت اجواء العداء وعدم الثقة التي اوجدتها الدعاية الاسرائيلية.
ومهم ايضا ان يعرف الجمهور الاسرائيلي المدفوع الى التطرف المبالغ فيه ان على رأس تلك الدول كانت ايران التي احتضنت مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية الذي اقر المبادرة، وسوريا الدول عداء، واندونيسيا اكبر دولة اسلامية، وبالتالي لم يعد هناك خطر يتهدد وجود اسرائيل لا على الصعيد الرسمي العربي والاسلامي ولا على صعيد التنظيمات الاسلامية المتطرفة.
صحيح ان نشر المبادرة العربية في الصحف الاسرائيلية والعالمية بمبادرة منظمة التحرير قد يؤسس لرأي عام اسرائيلي ضد روايات الاحزاب اليمينة والمستوطنين، لكن ذلك يحتاج الى جهد ووقت كبيرين ليشكل قوة ضاغطة للقبول بالمبادرة، وسد الطريق على الدعاية المضادة المتوقعة لليمين الاسرائيلي المتحفز دائما لتخويف الاسرائيليين من الارهاب العربي والاسلامي المتربص لهم وراء الابواب.
وصحيح ايضا ان اسرائيل لم تستشر احدا من بني اسرائيل حين وقعت على معاهدتي السلام مع مصر والاردن، وان المعاهدتين لم تؤسسا لتقارب حقيقي بين شعبي الدولتين العربيتين وبين الشعب الاسرائيلي، ما تسبب في التراجع الشعبي للتعايش وتنامي الهجمات الارهابية المعادية واقدام اسرائيل على اقامة الجدار وفرض الحصار وتقطيع اوصال الاراضي الفلسطينية والتسويف في انهاء المفاوضات نزولا عند مطالب اليمين والمستوطنين.
لعل تشكيل قوة مساندة للحق الفلسطيني في اوساط الاسرائيليين هو اختراق غير مسبوق للرأي العام الاسرائيلي لكن استقطاب قوة ضاغطة ومؤثرة يحتاج الى سنوات من الجهود الحثيثة والمضنية، فكلنا نذكر كم احتجنا من الوقت والعمل الدؤوب لاقناع حفنة من معسكر السلام بعدالة القضية الفلسطينية وضرورة احلال السلام، كمصلحة اسرائيلية اولا، وسرعان ما بدأ المؤمنون في التفكك والتهاوي والانحراف نحو اليمين عند اول مواجهة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، والاهم من كل ذلك ان تقتنع اسرائيل الرسمية اولا بالمبادرة وتتوقف عن حقن شعبها بالادعاءات الكاذبة وتغذية مشاعر الكراهية، اذا كانت تريد فعلا ايجاد مناخ ملائم لقبول اسرائيلي شعبي بالمبادرة العربية.